د. ضياء الدين أبوشقة
أصبحت
القاهرة في مقدمة عواصم العالم من حيث ارتفاع مستوي الضوضاء وفترات
استمرارها، كما جاء بتقارير منظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية،
التي تهتم بشئون البيئة، وما أكدته نتائج الدراسات التي قام بها
المركز القومي للبحوث والتي أثبتت أن مستويات الضوضاء عالية جداً في
جميع المناطق وتتعدي المعايير المتفق عليها دولياً، فقد وصل مستوي
الضوضاء في بعض المناطق والميادين مثل ميدان »الدقي« إلي 98
ديسبل »وهو وحدة قياس الضوضاء«،والتي تعتبر نتيجة مثيرة ومخيفة
ومقلقة جداً، حيث تتعدي المسموح به عالمياً بمقدار 38 ديسبل.
ويقول الدكتور ضياء الدين أبوشقة، أستاذ طب القلب والعميد السابق لمعهد
القلب القومي، لقد توصلت الدراسة إلي أن الأتوبيسات تأتي في مقدمة
مصادر الضوضاء المرورية بسبب كثافتها بالإضافة إلي ارتفاع مستوي الصوت
الصادر من محركاتها، هذا وقد أكدت الدراسات والأبحاث الحديثة وجود علاقة
مؤكدة بين زيادة الضوضاء وارتفاع درجاتها وبين ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض
القلب الناتجة عن تصلب شرايين القلب التاجية، وزيادة نسبة الإصابة بمرض
ارتفاع ضغط الدم، هذا وقد أثبتت الاحصائيات زيادة في الإصابة بجلطة
القلب والسكتة القلبية خاصة في السن المبكرة وتستمر علي قدم المساواة
مع التغيرات البيئية المعقدة وما يصاحبها من توتر عصبي وعدم استقرار نفسي
والتي ظهرت بصورة واضحة في الربع قرن الأخير وتزداد وطأتها سنة بعد
سنة مما زاد الباحثين إصراراً علي ربط علاقة سببية بين هذه التغيرات
البيئية مثل الضوضاء التي تصاحب التغيرات الاجتماعية الحضارية المعقدة في
عالمنا المعاصر نتيجة الازدحام والتكدس خاصة في العواصم الكبري مثل
القاهرة وبين الزيادة في نسبة الإصابة بأمراض القلب.
ويضيف الدكتور ضياء الدين أبوشقة: ثبت عن يقين أن هذه المتغيرات
البيئية لها تأثير فعال في زيادة الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم الذي
يعتبر من كبري المشاكل الصحية ليس في مصر وحدها بل في معظم بلدان
العالم، هذا وقد أثبتت الأبحاث وجود تغيرات في مكونات الدم، سواء
الطبيعية أو الكيميائية في الأشخاص الذين يعانون من توتر عصبي شديد
وقلق نفسي والتي تلعب الضوضاء وارتفاع درجاتها دوراً كبيراً في
حدوثه. وهذه التغيرات تشمل زيادة نسبة دهنيات الدم ونسبة الكولسترول
وزيادة نسبة إفراز هرمون الإدرينالين ومشتقاته وزيادة نسبة إفراز الهرمون
النشط لإفراز هرمون الكورتيزون وزيادة مستوي الأنسولين في الدم
والزيادة في قابلية صفائح الدم في الالتصاق بعضها البعض، مما يساعد
علي تكوين الجلطة.. ونقص قابلية كرات الدم الحمراء في التخلص من
الأوكسجين التي تحمله لخلايا الجسم وعضلة القلب بصفة خاصة نتيجة التغيرات
التي تحدث في درجة حموضة الدم نتيجة سرعة وعمق التنفس الذي يصاحب
التوتر والانفعال ونقص مادة البوتاسيوم في عضلة القلب نتيجة زيادة معدل
إفراز الكورتيزون.
ويؤكد الدكتور ضياء الدين أبوشقة أن محصلة هذه المتغيرات متجمعة تشمل
ارتفاع ضغط الدم وزيادة سرعة دقات القلب مع احتمال حدوث ضربات قلبية زائدة
وزيادة سرعة وقوة انقباض عضلة القلب وزيادة في حجم الدم..وهذه العوامل
التي تساعد بالضرورة علي زيادة جهد القلب وزيادة نسبة حدوث تصلب شرايين
القلب التاجية وجلطة الدم.
والتوتر العصبي الناجم عن المتغيرات البيئية وماتصاحبها من ضوضاء
تعتبرمن العوامل الرئيسية والخطرة المساعدة علي الإصابة بجلطةالقلب وحدوث
السكتة القلبية التي زادت بصفة ملحوظة في السنوات الأخيرة خاصة في
السن المبكرة،وقد نشرت كلية طب جامعة ميامي الأمريكية بالتعاون مع وكالة
حماية البيئة نتيجة الدراسات التي تمت علي علاقة الضوضاء فضغط الدم
وأمراض اضطراب القلب والتي تبين أن هناك علاقة مؤكدة بين زيادة الضوضاء
وارتفاع درجاتها وبين نسبة الإصابة بهذه الأمراض وهذه النتائج دعمت ما سبق
أن أعلنته دراسات أجريت في الاتحاد السوفيتي وعدد من الدول
الأوروبية..وهذه الأبحاث وغيرها أثبتت أن الضوضاء وارتفاع درجاتها وما
يصاحبها من توتر عصبي وانفعال متواصل لها أثر فعال علي زيادة معدل ضغط
الدم وخطر محقق علي القلب.