2011/4/19 الساعة 0:34 بتوقيت مكّة المكرّمة
القاهرة (رويترز) - زعيم مُستبد يجبر على ترك السلطة في أعقاب احتجاجات على حكمه الملوث بالفساد. ويتهم بالكسب غير المشروع والقتل لكن اعتلال الصحة يؤجل استجوابه. ثم يتوفى قبل تقديمه
للمحاكمة.
مصير الرئيس الاندونيسي الاسبق سوهارتو الذي توفي بعد عشرة أعوام من احتجاجات حاشدة أطاحت به من السلطة عام 1998 ربما يكون تصورا يدور في أذهان القادة العسكريين الذين يتولون إدارة الأمور في مصر حاليا لما قد يحدث للرئيس المخلوع حسني مبارك (82 عاما) مُعتل الصحة الذي لا يزال يتمتع بنفوذ كبير داخل الجيش.
لكن محللين يقولون ان التأخر كثيرا في تقديم مبارك الى المحاكمة ربما يؤدي الى عودة المظاهرات الحاشدة والفوضى التي أطاحت به من السلطة يوم 11 فبراير شباط وألحقت الضرر بالاقتصاد المصري.
وتراجعت الاحتجاجات الى حد بعيد لكن الحياة الطبيعية لم تعد بعد في بلد له دور محوري في استقرار الشرق الاوسط.
وقال ايلايجا زروان المحلل بمكتب المجموعة الدولية لمواجهة الازمات في مصر "أوضح المجلس العسكري بجلاء منذ البداية أنه يريد أن يتقاعد مبارك بكرامة وربما يستمر هذا الامر طويلا مثل ما حدث مع سوهارتو."
وأضاف "تتنازعهم (أعضاء المجلس العسكري) الرغبة في الحفاظ على الاستقرار وشعورهم بالواجب نحو قائد أعلى يحظى بالاحترام. العسكريون يمانعون كثيرا في تقديمه للمحاكمة وربما يستمر ذلك وقتا طويلا جدا."
وأوجه الشبه بين مبارك وسوهارتو الذي توفي عن 86 عاما تثير الدهشة. فكلاهما جاء من الجيش وحكم 30 عاما بقبضة من حديد وأجرى إصلاحات لتحرير الاقتصاد أدت الى رواج اقتصادي استفاد منه البعض ثم أطاح به من السلطة شعب محروم سئم الحكم الاستبدادي.
واتهم سوهارتو بالفساد شأنه شأن مبارك. لكن مرضه واستمرار القبول الذي كان كثير من الاندونيسيين يكنونه له ضمن له عدم المثول للمحاكمة حتى توفي عام 2008.
وكان تقديم مبارك الى العدالة أحد المطالب الرئيسية للمحتجين المطالبين بالديمقراطية الذين أطاحوا به. وصدر أمر الاسبوع الماضي بحبس الرئيس السابق على ذمة التحقيقات في إجراء اعتبر أنه محاولة لتهدئة المحتجين الذين ربما اعتقدوا أن المجلس العسكري يحمي مبارك من العقاب.
لكن مرضا تضاربت التقارير عنه حال دون إعادته الى القاهرة لاستجوابه. وكان التلفزيون الرسمي ذكر أن مبارك أصيب بأزمة قلبية لكن مصادر طبية تقول الان ان حالته الصحية جيدة.
وما زال الرئيس السابق في مستشفى بمدينة شرم الشيخ المطلة على البحر الاحمر التي كان يقضي فيها بعض الوقت خلال حكمه والتي فر اليها بعد أن تخلى عن السلطة.
وتقول مصادر أمنية انه لا توجد خطط حتى الان لنقله الى مستشفى عسكري في العاصمة رغم صدور أمر من المدعي العام بذلك. ومن أسباب ذلك أن مبارك نفسه يرفض نقله.
وكان مبارك قائدا للقوات الجوية خلال حرب 1973 ويعتبره كثيرون في الجيش بطلا ينبغي احترامه.
ونقل التلفزيون الرسمي عن مصدر أمني قوله ان مبارك "يرفض الرحيل من المستشفى خوفا أن يكون النقل تمهيدا لترحيله الى السجن" موضحا أن سبب تأخر نقل الرئيس السابق هو "عدم الاتفاق على خطة أمنية للنقل".
وقال مصدر أمني آخر ان الجيش يحاول إمهال مبارك بعض الوقت حتى يعتاد على ابتعاده عن السلطة مضيفا أن الرئيس السابق ربما يواجه صعوبة من الناحية النفسية في قبول ما آل اليه.
ومبارك متهم بسوء استغلال السلطة والكسب غير المشروع وبالمسؤولية عن مقتل بعض المحتجين. ويواجه العديد من رجال إدارته علاوة على ابنيه اتهامات مماثلة وهم محبوسون على ذمة التحقيقات كما أُحيل بعضهم بالفعل الى المحاكمة