شهدت جمعة "رفض الصلح" اليوم بميدان التحرير، غيابا كاملا للقوى السياسية بجميع أطيافها، ليمثل الشباب المستقل الدور الأساسى فى هذا اليوم، وبدأت التظاهرة بالمئات الذين تجمعوا بالميدان للتنديد بالإفراج عن رموز النظام السابق كسوزان مبارك وفتحى سرور، ولمطالبة المجلس العسكرى بعدم العفو عن مبارك وعائلته وعدم تنفيذ الأحكام العسكرية على المدنيين.
وتوافد الآلاف بعد ذلك على الميدان للمشاركة فى جمعة "رفض الصلح"، لينتهى الحشد بـ20 ألف متظاهر يطالبون بإقالة عاصم الجوهرى مستشار وزير العدل، ويدعون المصريين للمشاركة بثورة الغضب المصرية الثانية يوم الجمعة المقبلة 27 مايو، وشكل المتظاهرون لجانا لغلق الميدان أمام الحافلات، وتحويل مسار السيارات للمناطق المتاخمة، ما تسبب فى وقوع مشادات كلامية عديدة بين الشباب والمواطنين.
وكادت اشتباكات تندلع بين قائدى السيارات وعدد من الشباب، الذين رفضوا مرور السيارات والأوتوبيسات فى الميدان، وأصروا على عودتهم للخلف، وبعد تهديدات بإشعال النيران فيها، اضطر قائدو السيارات للعودة عكس اتجاه السير، وسط غياب واضح لرجال الشرطة والجيش.
الشباب سيطروا اليوم على المنصات الرئيسية، ليشارك كل منهم بكلمته، وألقى شاب كفيف فى العشرينيات من عمره الحماس فى قلوب المتظاهرين، عندما أكد لهم اعتصامه معهم خلال الـ 18 يوما قبل التنحى، مشددا عليهم بعدم التنازل عن حقوق الشهداء الذين سالت دماؤهم بالميدان، وطالبهم بالاستمرار فى تظاهراتهم المطالبة بعدم العفو عن مبارك وعائلته، الأمر الذى استقبله المتظاهرون بتصفيق حاد، وترديد هتاف "الحساب الحساب.. هو محاكمة الكلاب"، و"الشعب يريد إعدام الطيار"، كما حرص عدد من الشباب على إلقاء قصائد الشعر الوطنية.
وغاب الشيوخ اليوم عن صلاة الجمعة بالميدان، وأمٌ المتظاهرين سامح المسد رئيس الاتحاد العام لائتلاف شباب الثورة، وأكد خلال خطبته اليوم فى صلاة الجمعة بميدان التحرير، على أنه لا تصالح أو تفاوض مع النظام الفاسد، وأنهم لابد أن يحاكموا محاكمات شديدة بعد قتل آلاف الشهداء ووقوع العديد من الجرحى، مشيرا إلى أن ميدان التحرير يشهد على دماء الشهداء التى سالت فيه، والتى تنادى بحق الشهداء فى الثأر من قاتليهم.
يأتى ذلك على رغم من دعوة الجمعية الوطنية للتغيير و22 حزبا مصريا للمشاركة فى جمعة رفض التصالح، من خلال بيانهم الصادر أمس، والذى جاء أبرز ما فيه "نطالب المسيرات، بتطهير البلاد من رموز الفساد وأعوان المفسدين مع محاكمتهم محاكمة علنية عادلة أمام الشعب، وتطهير البلاد من أكثر من 40 ألف فاسد فى الحكم المحلى يشعلون نار الفتنة الطائفية".
من جانب آخر ساد المشهد الذى أصبح مصاحبا بشكل معتاد للمظاهرات بالتحرير، ولكن ظهر بشدة اليوم، وهو انتشار باعة المأكولات والمشروبات بالميدان، كما قام بائعو المشروبات بإحضار كراسى لزبائنهم لتتحول ساحة الميدان لصورة من المقاهى الصغيرة، ولأول مرة حرصت بعض الأسر على اصطحاب أبنائها للتنزه بحديقة الميدان دون المشاركة بالتظاهرات كما قاموا بإحضار أمتعتهم الخاصة معهم.